كتبه: مهندس/ أحمد عبد المنعم الريس (أكتوبر 2021)
سؤال منطقي أليس كذلك؟
ومع هذا لا تعجب في أن أحدا لا يتطرق لهذا السؤال إلا بعد أن يقوم بمليء حوضه بكل ما يسره مما تقع عليه عيناه في محال أسماك الزينة أو ما يعرضه الهواة للبيع.
فغالبيتنا ممن يفكر في امتلاك حوضه البحري الخاص أو امتلكه بالفعل كان الدافع وراء ذلك هو تأثره بما شاهده من مقاطع الفيديو لأحواض المحترفين الكبيرة المفعمة بالحياة أو أفلام ما تحت مياه المحيط حيث أسراب الأسماك الزاهية الالوان في المناطق الاستوائية او قام بزيارة لأحد الأحواض البحرية العامة العملاقة حيث تسبح العديد من مختلف أنواع الأسماك البحرية في جميع أنحاء واجهات العرض في مظهر أخاذ أو شاهد أحواض العرض في متجر كبير للأحواض والأحياء المائية او حتى حوض عرض مميز عند أحد الأصدقاء.
أيضاً الغالبية العظمى منا يشاهد أحواض المياه العذبة الصغيرة التي تحتوي على العشرات من الأسماك خاصة في محال أسماك الزينة فيعتقد المعظم أن الأحواض البحرية لكبر حجمها نسبيا مقارنة بما نملكه أو نشاهده من أحواض العذب تستطيع حيازة عشرات الأسماك وهذا في الحقيقة اعتقاد خاطئ تماماً.
لهذا السبب لا أتعجب حين أجد الكثير من حديثي العهد بالهواية ممن امتلك للتو حوضا بحرياً يتساءل عن سر السلوك العدواني الغريب للأسماك في حوضه او من زيادة نسب الملوثات بالمياه بالرغم من الفلترة والمعدات باهظة الثمن أو من إصابة الأسماك بأمراض نقص المناعة كمرض النقاط البيضاء وعند سؤاله عن عدد الأسماك بالحوض وعن حجم الحوض لديه تجد أن حجم الحوض لا يتناسب ابدا مع عدد الأسماك أو غير متوافق الأبعاد لاحتياج نوعيات الأسماك التي تم اختيارها ومع ذلك تجده يستنكر بعجب ظنا منه أن حوضه كبير بما يكفي لاحتواء هذا العدد وأنه لابد من سبب أخر للمشاكل الظاهرة بحوضه.
نعود لسؤالنا المنطقي “عنوان الموضوع” والذي ينبغي أن يسأله كل من هو حديث العهد بهواية الأحواض البحرية قبل المضي قدما في شراء الأسماك ووضعها بالحوض ألا وهو “كم عدد الأسماك التي أستطيع أن أضعها في حوضي البحري؟”
الإجابة المختصرة للسؤال هي قاعدة الإبهام “Rule of Thumb” وهي قاعدة مبنية على التجربة ومقبولة عموماً في هواية الأحواض البحرية.
تقول تلك القاعدة ببساطة “بوصة واحدة من الأسماك (تقاس من الأنف إلى نهاية الذيل) لكل خمس جالونات من المياه المالحة” وهذا يساوي بالقياسات المستخدمة لدينا سنتيمتر واحد من الأسماك لكل سبعة ونصف ليتر من المياه المالحة، (سميت بقاعدة الإبهام نظراً لأن طول عقلة إصبع الإبهام عند الغالبية هو بوصة واحدة 2.54 سم).
مثال: لو أن هناك سمكة واحدة بالحوض يبلغ طولها الكلي من الأنف لنهاية الذيل 5 سنتيمترات فإن حجم الماء الذي تحتاجه تلك السمكة للعيش بصحة جيدة هو ناتج ضرب طول السمكة “5” x”7.5 ليتر” فيكون الناتج “37.5”ليتر من المياه المالحة.
مثال آخر: لو أن هناك حوض أبعاده 100سنتيمتر عرض x 60سنتيمتر عمق x 50 سنتيمتر ارتفاع فإن حجم الماء الذي يستطيع حمله فارغاً هو 10050x60x = 300 ألف سنتيمترا مكعبا ولتحويل الرقم إلى ليترات نقوم بقسمته على 1000 فيكون الناتج 300 لترا، ثم بخصم خمس سنتيمترات من الارتفاع كأقصى حد لمنسوب المياه /1000100x605x= 30 لتر وخصم حجم الصخور بالحوض وليكن 30 لتر أخرى فيكون حجم المياه الصافي بحوض العرض هو 300-30-30=240 لترا والمخصصة لسباحة الأسماك.
بقسمة عدد لترات المياه على الرقم 7.5 يعطيك المجموع الكلي لطول الأسماك المسموح بالحوض ويساوي:
240/7.5 = 32 سنتيمتر وهو ما يعادل:
- سمكتين طول الواحدة منهم 16 سم
- أربع سمكات طول الواحدة 8 سم
- ثمان سمكات طول الواحدة 4 سم
- ست عشرة سمكة طول الواحدة 2 سم
…فقط؟ هل هذا كل شيء؟ لما هذا الكم القليل؟
الحقيقة أن تلك الإجابة المختصرة “قاعدة الإبهام” هي قاعدة مبنية على العديد من التجارب الشخصية وليست على تجارب علمية وهي مقبولة كما قلنا كخط استرشادي سهل ومبسط يجعلك دائما في حيز الأمان.
أما الإجابة الوافية على السؤال هي أكثر تعقيدًا قليلاً وتستغرق وقتًا أطول، ولهذا السبب عادةً ما يتم إعطاء إجابة قاعدة الإبهام لأنها أقصر وأسهل.
في الواقع يعتمد “الحمل البيولوجي المسموح به” (عدد الأسماك) لحوض السمك بالمياه المالحة على عوامل عدة:
1- حجم وكفاءة نظام الفلترة:
والتي تجعل الحوض قادرا على التعامل بكفاءة مع فضلات الأحياء ومنها الأسماك في الحوض وبقايا الأكل المتحلل (من فلترة ميكانيكية كفلاتر الشراب ومكشطة البروتين “Protein Skimmer” ثم فلترة بيولوجية وتعتمد على حجم وجودة الصخور أو الميديا المخصصة لتكاثر البكتريا النافعة في الحوض مع وجود غرفة ريفيوجيوم “Refugium” أو مفاعل بيولوجي ” Biopellet reactors” ومفاعل فوسفات “Phosphate Reactor”).
2- كفاءة تبادل الغازات:
تلعب كفاءة أجهزة (كشط البروتين) وأيضا أجهزة حركة المياه (كصانعات الأمواج “Wave Makers” ومضخة الرفع “Return Pump”) والتي تسهل تبادل الغازات للحفاظ على مستويات الأكسجين المذاب في أعلى مستوياته دورا هاماً في تحديد عدد الأسماك التي يمكن الاحتفاظ بها في الحوض البحري، فكفاءة تبادل الغازات العالية ستدعم المزيد من الأسماك أكثر من الأنظمة التي تحافظ على مستويات أكسجين أقل من المستوى الأمثل.
3- درجة حرارة الماء وملوحته:
فكلما ارتفعت درجة حرارة الماء وملوحته، قلت نسبة الأكسجين في الماء لذا فإن ضبط درجات الحرارة ما بين 25 درجة مئوية إلى 27 درجة كحد أقصى مع ضبط درجة الملوحة ما بين 1025 إلى 1027 يحسن كثيرا من ثبات نسب الأكسجين في الماء عند مستوى مناسب للأحياء.
4- أنواع الأسماك، وحجمها والمزيج بينها:
فصائل الأسماك وأنواعها، بالإضافة إلى مزيج الأسماك واللافقاريات في الحوض يحدث فارقًا في كم الأسماك التي يمكن الاحتفاظ بها في الحوض بنجاح.
على سبيل المثال، سيكون أداء Naso Tang مقاس 15سم جيدًا في نفس حوض الماء المالح سعة 240 لتر في المثال السابق مع دستة من أسماك Chromis الأزرق أو الأخضر (بإجمالي 45سم من الأسماك داخل الحوض، وهو ما يوازي 1.4 سم سمكة لكل 7.5 لتر) في حين أن نفس الدزينة من Chromis لن يكون أداؤها جيدًا على الإطلاق مع سمك Lionfish بمقاس 15سم أيضاً، لإن من شأنها أن تأكلهم!
في حين أن هذا المثال يتجاوز 1سم لكل 7.5 لتر من الماء بشكل طفيف، إلا أنه أكثر أمانًا مع الأسماك الصغيرة عنه مع الأسماك الأكبر حجمًا.
لذلك 30سم من الأسماك، لكي تكون آمنًا، اجعلها تقتصر على ثلاث سمكات بمقاس 10سم أو سمكتين بطول 15سم كما ذكرنا سابقاً.
5- أبعاد حوضك البحري:
هناك بعض أنواع الأسماك لا تحتاج فقط إلى حجم مائي كافي لتتمتع بصحة جيدة لكن تحتاج إلى توفير مسافات معينة بالحوض للسباحة حتى وإن كانت صغيرة الحجم فهي في بيئتها المفتوحة تسبح بسرعة كبيرة لمسافات طويلة دون عوائق ويسبب وضعها داخل حوض ذا عرض قصير في تعرضها لضغط يؤدي لموتها نتيجة عدم قدرتها على ممارسة حياتها بشكل طبيعي، تلك الأسماك تحتاج إلى أحواض لا يقل عرضها عن حد معين حسب نوع كل سمكة لتتمكن من السباحة لمسافة مناسبة، وإليك قائمة ببعض تلك الأسماك وعرض الحوض المناسب لها لكي تتجنب شرائها إذا كان حوضك أقل من العرض المطلوب أو تخطط لبناء حوضك بالأبعاد المناسبة إذا كنت تنوي الاحتفاظ بأي منها:
• كلاون تانج Clown tang – 300cm:
• سوهال تانج Sohal tang – 200cm:
• ناسو تانج Naso tang – 200cm:
• بلو تانج (دوري) – 150cm:
• بلو فيس أنجل Blueface angelfish – 180cm:
• إمبرور أنجل Emperor angelfish – 180cm:
• ماجيستك أنجل Magistic angelfish – 180cm:
• أربيان أنجل Arabian angelfish – 180cm:
• موريش أيدول Moorish Idol – 400cm:
• سيميلار بترفلاي Semilarvatus Butterflyfish – 250cm:
• بانر بترفلاي Banner Butterflyfish – 200cm:
• فوكس فيس Foxface – 130cm:
6- مقدار أماكن التغطية أو الاختباء للأسماك عندما تشعر بالتهديد:
تضاريس الصخور في الحوض وتشكيلاتها Hardscape تلعب دورا هاما جدا في تحديد عدد الأسماك فالغالبية العظمى من أسماك الشعاب المرجانية في البحار تتطلب “منزلًا” أو مكانًا ما للاختباء إما للنوم أو للتراجع عندما تشعر بالتهديد، وينطبق الشيء نفسه على حوض السمك، فلن تعيش السمكة المعرضة للضغط العصبي وستصاب بالعديد من الأمراض أو تمتنع عن الطعام حتى الموت ما دامت سمكة لا يمكنها التراجع بسهولة إلى مكان آمن وقتما تشاء، لذا ينصح بتكديس الصخور والشعاب المرجانية لإنشاء شقوق وكهوف تمكن الأسماك من الاختباء فيها مع عدم زيادة اعداد الأسماك إلى الحد الذي لا تجد فيه ملجأً شاغراً.
من المحتمل جداً، أنه يمكنك إيواء المزيد من الأسماك في حوض بحري أكثر مما تسمح به قاعدة الإبهام بشرط مرة أخرى كفاءة نظام الفلترة المستخدم مع مناسبة ما تم ذكره بالأعلى من عوامل.
ومع ذلك، فإن معظم أحواض المياه المالحة، خاصة تلك الجديدة والتي لم تصل لحد الاستقرار البيولوجي بعد، في الأغلب تفتقر إلى نظام فلترة بيولوجي فعال حقًا لمعالجة فضلات كم كبير من الأسماك، لذا لا ينصح بتعدي الحد كما وضحنا سابقا في قاعدة الإبهام وكذا ينصح بالإضافة التدريجية البطيئة للأسماك والأحياء الأخرى لإعطاء الحوض فترة زمنية مناسبة تمكنه من التعامل مع زيادة الحمل البيولوجي للأحياء (وهي فترة زمنية مناسبة تسمح بتكاثر المزيد من البكتريا النافعة المسؤولة عن استهلاك السموم الذائبة بمياه الحوض).
ولأن مخلوقات المياه المالحة أكثر حساسية لسموم الأحواض (الأمونيا والنتريت والنترات والفوسفات) من أسماك المياه العذبة، لذا لا يمكن أبداً قياس عدد الأسماك التي يمكن الاحتفاظ بها في حوض مياه مالحة مقارنة بعدد أسماك المياه العذبة التي يمكن الاحتفاظ بها في نفس الحوض من المياه العذبة.
وكما أشرنا سابقا من أن تصميم أنظمة الفلترة الفعالة يلعب دورا هاما في تحديد عدد الأسماك، فأحواض تعمل بأنظمة فلترة تقليدية تعتمد على الفلاتر المعلقة او الفلاتر داخل الحوض أو فلترة طبيعية تعتمد فقط على الصخور دون استخدام مقشدة بروتين تستطيع التعامل بشكل جيد مع الأحمال البيولوجية الخفيفة التي تسمح بها قاعدة الإبهام.
أما الأحواض ذات أنظمة الفلترة القوية والمصممة بحوض فلترة منفصل Sump Filter مجهز بمقشدة بروتين ذات كفاءة عالية وغرفة ريفيوجيوم* refugium أو مفاعلات فوسفات ومفاعلات بيولوجية فيمكن أن تتجاوز نسبة السنتيمترات من الأسماك لكل 7.5 لتر قاعدة الإبهام.
قد تكون قاعدة الإبهام “سنتيمتر واحد من الأسماك لكل سبعة ونصف لتر من مياه الحوض” متحفظة بعض الشيء بالنسبة لعالم الأحياء المائية لذو الخبرة مع حوض يعمل بشكل جيد ومستقر لفترة كافية من الوقت، ولكن بالطبع سيكون من الحكمة التزام المبتدئين لتلك للقاعدة، فمن الأفضل أن تكون آمناً عن أن تكون نادماً.
تعريفات ذات صلة:
*فلتر السامب ” Sump Filter”
في تربية الأسماك، يعد السامب ملحقًا لأحواض أسماك المياه المالحة أو المياه العذبة التي تشترك في نفس إمدادات المياه، وهو عبارة عن حوض منفصل متصل بحوض العرض الرئيسي ومقسم لعدة غرف تمر خلالها مياه حوض العرض فيتم فلترتها ميكانيكيا وبيولوجيا وكيميائيا ثم يتم إعادتها مرة أخرى إلى الحوض الرئيسي.
** ريفيوجيوم “refugium”
هو إحدى غرف السامب التي تمر خلالها مياه الحوض المفلترة ميكانيكيا قبل عودتها إلى الحوض الرئيسي.
ويعتبر “ملجأ” بمعنى أنه يسمح بالحفاظ على الكائنات الحية التي لن تعيش في النظام الرئيسي، سواء كانت حيوانات غذائية كمجدافيات الأرجل “Pods”، أو بكتيريا نزع النيتروجين اللاهوائية ” anaerobic- denitrifying bacteria”، أو نباتات أو طحالب تقوم باستهلاك النترات والفوسفات من أجل عملية البناء الضوئي، بالنسبة لبعض التطبيقات، يجب أن يكون تدفق المياه محدودًا لحماية النباتات أو الحيوانات التي تتطلب تدفقًا بطيئًا.
يمكن تشغيل دورة إضاءة للريفيوجيوم كونه يحتوي على نباتات أو طحالب تحتاج لعملية البناء الضوئي، ويمكن ضبط توقيت الإضاءة بحيث تعمل عكس توقيت إضاءة الحوض الرئيسي من أجل الحفاظ على درجة الحموضة “pH” الكلية للنظام أكثر استقرارًا (بسبب امتصاص ثاني أكسيد الكربون المشكل للحمض عن طريق التمثيل الضوئي الذي يحدث في الريفيوجيوم خلال ساعات “ضوء النهار”).
أحد المبادئ الاسترشادية لحساب حجم غرفة الرفيوجيوم هي 1:10 من حجم الحوض الرئيسي.
مع تحيات موقع هوايتي