محمد حسان – 1 يناير 2022
توفير “مكان آمن ومزدهر” يمكن أن يمثل تحسينات كبيرة لأي نظام بحري.
الرفيوجيم هو عبارة عن مكونات حيوية طبيعية لأنظمة الشعاب المرجانية، فهناك العديد من المخلوقات تحتاج لمكان آمن للعيش فيه والرجوع إليه، مكان يمكن أن تجد فيه الحماية من الحيوانات المفترسة، والأمواج والتيارات القوية، هذه الأماكن أو الملاجئ يمكن أن تتواجد داخل الأحواض نفسها، أو يمكن تخصيص مساحة منفصلة لها داخل السامب.
وبالنسبة للشعاب المرجانية في الطبيعة، تعتبر مناطق أشجار المنجروف هي الرفيوج أو الملاذ المعتاد، حيث يتجمع عدد لا يحصى من اليرقات والقشريات الكبيرة الأخرى والعديد من الأسماك البحرية الصغيرة واللافقاريات مكونة شبكة حيوية معقدة داخل جذور المنجروف، هذا الحيز الآمن يمنع دخول الكائنات المفترسة الكبيرة وتوفر ظروفًا مائية هادئة، فتلك القشريات والكائنات الصغيرة لن تستطيع العيش لفترة طويلة في الحيد المرجاني أو في المحيط المفتوح، حيث ستكون محاطة من جميع الجوانب بتلك الأفواه الجائعة من الكائنات المفترسة التي ستقضي عليها سريعاً، ومن الأماكن الأخرى التي تمثل ملاذ آمن لتلك القشريات الصغيرة هي مناطق الأعشاب والطحالب البحرية ومناطق الصخور الصغيرة.
ويمكن أن نعرف مصطلح “Refugium” في الأنظمة البحرية على أنه “مكان منفصل، عادة ما يكون حوض أو غرفة تم إنشاؤه على وجه التحديد كملاذ آمن للطحالب الكبيرة واللافقاريات الصغيرة، وأحيانًا لبعض الأسماك الصغيرة.“
وهناك سؤال مهم قد يطرحه البعض: هناك العديد من الأمثلة لأحواض الأسماك الناجحة بدون رفيوج، فلماذا نعتبرها مهمة لأنظمة الشعاب المرجانية؟

يقدم الرفيوج وظيفة مهمة جداً وهي توفير مساحة للتكاثر، سواء لنمو وتكاثر الطحالب الكبيرة أو نمو وتكاثر اللافقاريات الصغيرة بأنواعها المختلفة، فالطحالب قادرة على امتصاص كميات كبيرة من العناصر الغذائية خاصة النترات والفوسفات، بينما تنتج اللافقاريات بيضًا ويرقات باستمرار، مما يوفر مصدرًا غذائياً (zooplankton) للشعاب المرجانية والأسماك، وهذا يمثل عنصر مهم للمجتمع المرجاني الطبيعي.


تعتبر يرقات مجدافيات الأرجل Copepod مثالًا جيدًا على العوالق الدقيقة التي يمكن العثور عليها في الأحواض البحرية المستقرة، فيمكن لهذه اليرقات قد يصعب رؤيتها بالعين المجردة، وتشكل الجزء الأكبر من العوالق الحيوانية في البحر وهي عنصر أساسي في السلسلة الغذائية.
وفي الأحواض تتطلب مجدافيات الأرجل ملاذ آمن من أجل التكاثر بشكل غزير، لكن غالبية الهواة لا توفر مكان مناسب لتكاثر هذه الكائنات، وتحرم أنفسها من مصدر ذو قيمة غذائية عالية للعديد من الشعاب المرجانية، مجدافيات الأرجل تلك هي مجرد نوع واحد من العديد من الكائنات الصغيرة المتوفرة للشعاب المرجانية في بيئتها الطبيعية.

من بين اللافقاريات الصغيرة التي يمكن أن تسكن وتتكاثر في الرفيوجيم amphipods, tanaids, stracods وديدان bristleworms, tube worms، كذلك النجوم الصغيرة والإسفنج والقواقع، وتنتج هذه القشريات يرقات بانتظام، والتي توفر وجبة غنية للشعاب المرجانية والأسماك عند وصولها للحوض الرئيس.
ويمكن لبعض الكائنات المجوفة التي قد تظهر في الرفيوجيم أن تكون مصدر إزعاج للهواة وخاصة الأبتاسيا Aiptasia حيث يمكن أن تسبب مشكلة إذا زادت أعدادها بشكل كبير ويجب التخلص منها فوراً.
تعزيز الكائنات الدقيقة MICROFAUNA في الرفيوجيم:
MICROFAUNA مصطلح يشير للحيوانات الدقيقة (mikros في اليونانية القديمة تعني “صغير” و fauna في اللاتينية تعني “حيوان”).
ما الذي يمكننا القيام به لتعزيز نمو الكائنات الحية الدقيقة داخل الرفيوجيم بحيث يتم إنتاج الكثير من اليرقات؟
للوصول لأفضل النتائج من غرفة الرفيوجيم يجب علينا بعض الأمور كما يلي:
- يجب أن يكون هناك عمق مناسب لأرضية الرفيوج – 4 سم من الرمل المرجاني الناعم (الأراجونيت).
- يجب أن تكون هناك حركة مياه متوسطة وغير شديدة فوق سطح الرمل، وذلك لأن الحركة القوية للمياه قد تسبب تبعثر الرمال.
- قد تحتاج لتحريك الطبقة السطحية للرمال بين الحين والآخر، حتى لا تتكتل ويحدث بها انسداد بسبب تراكم الرواسب فوقها وتكوين مناطق بدون أكسجين تمنع الكائنات الدقيقة تحت سطح الرمال من التنفس والبقاء على قيد الحياة.
- يمكن إضافة بعض الكائنات التي تختبئ وتعيش في الرمال (مثل القواقع أو نجوم البحر الصغيرة أو الشوكيات الأخرى) لتساعد في عملية تقليب الرمال.
- من المفيد “تعزيز” التنوع داخل الرفيوجيم عن طريق إدخال صخور حية / رمل حي مأخوذة من أحد الأحواض القديمة المستقرة، بحيث تضيف للرفيوجيم أنواع القشريات والكائنات المتنوعة مثل amphipods ومجدافيات الأرجل والديدان والنجوم والقواقع الصغيرة.
يحب بعض الهواة تشغيل الرفيوجيم بحيث يعمل كمصدر للغذاء الحي للحوض، وفي هذه الحالة يجب أن يعمل الرفيوجيم بشكل مستقل ومنفصل عن السامب حتى لا تمر المياه الخارجة من الرفيوجيم عبر الفلاتر أو البروتين سكيمر، مما يسمح للقشريات واليرقات من الوصول للحوض الرئيسي بدون ازالتها عبر عمليات الفلترة داخل السامب.
وإذا تم تزويد الرفيوجيم بإضاءة مخصصة للنباتات، فيمكنه دعم نمو العديد من أنواع الطحالب الكبيرة مثل Spaghetti Algae (Chaetomorpha sp.) أو Sea Lettuce (Ulva lactuca) أو Caulerpa prolifera أو .Gracilaria sp، وتقوم هذه النباتات بدورها بالتخلص من العناصر الغير مرغوب بها مثل النترات والفوسفات.
ويقوم بعض الهواة بتشغيل إضاءة الرفيوجيم وفقًا لجدول زمني معاكس لحوض العرض بحيث تشارك الطحالب الكبيرة في عملية التمثيل الضوئي خلال ساعات الليل في الحوض الرئيسي، وتمتص ثاني أكسيد الكربون وتثبت الأس الهيدروجيني PH، وتنتج الأكسجين.



الرفيوجيم كغرفة للأقلمة:
من المزايا الإضافية لوجود الرفيوجيم هو أنه يمكنك من التعامل مع الأسماك الجديدة التي يصعب أن تتأقلم داخل الحوض الرئيسي في وجود منافسين على الغذاء، فيمكنك وضع السمكة الجديدة في الرفيوجيم وتركها للاستقرار بهدوء في مكان آمن وهادئ خلال الأسابيع القليلة الأولى، حيث سيوفر الرفيوجيم الكثير من الكائنات الدقيقة بكمية أكثر من تلك الموجودة في الحوض الرئيسي، بعد ذلك تستطيع تدريب تلك الأسماك علي التعود تدريجياً على الأطعمة المجمدة أو الجافة بدون إجهاد من الأسماك الأخرى المنافسة على الطعام، كما يمكنهم التعود على ظروف المياه، وستدرك الأسماك في الحوض الرئيسي بوجود وافدين جدد من خلال الاشارات البيوكيميائية، مما يقلل من فرص المواجهات اللاحقة داخل الحوض الرئيسي.
وقد أظهرت الأبحاث أن الأسماك الجديدة التي يتم إضافتها للحوض تتعرض لهجمات عنيفة أقل بكثير إذا كانت قد تم عزلها لعدة أسابيع في الرفيوجيم أو السامب، حيث ستشعر الأسماك الجديدة بضغط أقل في الرفيوجيم الذي يحتوي علي صخور حية وبعض الطحالب الكبيرة مقارنة بغرف السامب الفارغة التي لا تحتوي إلا على المياه والمعدات، وقد تنخفض الكائنات الحية الدقيقة في الرفيوجيم بشكل كبير خلال فترة عزل الأسماك بها ولكنها ستتعافى بعد نقل الوافد الجديد إلى الحوض الرئيسي، ومن العرض الفقرات السابقة نري أن الرفيوجيم لم يعد ملجأ للافقاريات الصغيرة فقط، بل ملجأ أيضا للعديد من للوافدين الجدد.

ملاحظات ختامية:
هناك نقطة أساسية فيما يتعلق بالرفيوجيم يجب أن تؤخذ دائمًا في الاعتبار: وهي أنه عند إضافة محاليل الكالسيوم والكربونات والأحماض الأمينية بالإضافة إلى العناصر النزرة، لا ينبغي اضافتها في الرفيوجيم، بل في أحد الغرف الأخرى بالسامب (ويفضل أن تكون الغرفة الأخيرة)، وذلك من أجل تجنب الاستهلاك المفرط والسريع لها داخل الرفيوجيم.
ولا جدال في أن الرفيوجيم يقدم العديد من المزايا لنظم الأحواض البحرية وتشمل زيادة حجم المياه، وزيادة التنوع البيولوجي (لا سيما الكائنات الدقيقة والمخلوقات الصغيرة)، وتفكيك أو التخلص من المغذيات (النترات والفوسفات)، والعمل على استقرار درجة الحموضة وتركيز الأكسجين، وتعزيز سلسلة الإمدادات الغذائية للأسماك والشعاب المرجانية عن طريق إنتاج العديد من اليرقات، لذلك يمكن أن يمثل الرفيوجيم المزدهر تحسينًا كبيرًا لتلك الأحواض.
مع تحيات موقع هوايتي