البروتين سكيمر (عملية القشط) الجزء الأول

sample-ad

محمد حسان – 12 سبتمبر 2021

في عام 1937 قام شوتز Schutz بعمل أول نموذج لإزالة المواد العضوية من خلال توليد الرغوة، وتم إدخال هذه الطريقة إلى هواية أحواض الأسماك في 1960 من قبل هاكستيد Huckstedt، ومنذ ذلك الحين نرى جدلاً واسعاً حول فائدة هذه الطريقة بين مؤيد ومعارض، وبين من يرى أن له فوائد وله أضرار في نفس الوقت، ورغم أنى ترددت كثيراً فيما سبق أن أتناول هذا الموضوع بشرح مفصل خشية فهم الموضوع بشكل خاطئ، إلا أنِّى عزمت على كتابته الآن لشعوري بأن أغلب الهواة حاليا لديهم من المعارف القدر الجيد الذي يؤهلهم لفهم الموضوع بشكل جيد ومفيد.
القشط نظرياً هو عملية أو طريقة لتنقية المياه تُستخدم في العديد من الأحواض البحرية، وتعرف بأسماء أخرى مختلفة منها تجزئة الرغوة، وقشط البروتين، ويُشار إلى الجهاز نفسه على أنه مقشطة البروتين أو مجزئ رغوي، والغرض الأساسي منه هو اخراج المواد العضوية الذائبة والجسيمات من الحوض، مع فائدة جانبية كبيرة تتمثل في زيادة معدل الأكسجين بالمياه، وقد تم استخدام مثل هذه الأجهزة في صناعات أخرى مثل تنقية البروتين لسنوات عديدة، وتناولت مئات من الأوراق العلمية استخدامات هذه التقنية.
وتهدف هذه المقالة إلى مساعدة هواة الأحياء البحرية على فهم كيفية عمل البروتين سكيمر على المستوى الجزيئي، نظرًا لأن الاسكيمرات تختلف اختلافًا كبيرًا في تصميماتها وتمثل تقنية متطورة باستمرار، فلن نحاول في هذه المقالة إظهار تصميم واحد على انه هو الأفضل، ففي مقال نشر عام 2002 قام فرانك ماريني بتفصيل العديد من التصاميم المتاحة في ذلك الوقت وناقش بعض مبادئ التصميم لصنع الاسكيمرات، بالإضافة إلى ذلك، يوفر قسم المراجع في هذه المقالة مراجع علمية إضافية للمهتمين ببعض الجوانب الهندسية للاسكيمرات.
وسوف نركز في هذه المقالة بطريقة أكثر تفصيلاً على المبادئ الفيزيائية وراء عملية القشط، كما أن ذلك سيساعد هواة الأحياء البحرية على فهم ما يتم إزالته وما لا يتم إزالته عن طريق القشط وما إذا كانت هناك حاجة إلى أي تعويض أي عناصر خاصة خلال عملية القشط، وبالنسبة للهواة الذين لا يستخدمون سكيمر فقد يساعدهم هذا المقال على تحديد ما إذا كانوا في حاجة لاستخدام هذه الطريقة أم لا.

لماذا نحتاج إلى إخراج المواد العضوية من أحواضنا؟

يتم تعريف المركبات العضوية بشكل عام على أنها تلك التي تحتوي على ذرات الكربون والهيدروجين، ويمكن أن تحتوي على ذرات أخرى أيضًا، وغالبًا ما تحتوي على النيتروجين والفوسفور، لذا فإن عملية القشط لها ميزة مفيدة للغاية تتمثل في اخراج هذه الجزيئات قبل أن يتم تفكيكها إلى نترات وفوسفات. والعديد من الكائنات الحية بما فيها الأسماك والبكتيريا على سبيل المثال، تأخذ المواد العضوية كمصدر للطاقة وتفرز النيتروجين والفوسفور الزائدين وغير الضروريين لعملية النمو، وفي كثير من الحالات في أحواضنا ينتهي الأمر بهذه المواد المفرزة إلى نترات وفوسفات، إما عن طريق الإخراج المباشر كما في حالة الفوسفات والنترات، أو الأمونيا أو اليوريا أو غيرها من المركبات المحتوية على النيتروجين والتي يمكن أن ينتهي بها الأمر إلى نترات من خلال المعالجة البكتيرية.
وترتبط العديد من المعادن مثل النحاس بشكل وثيق بالمواد العضوية في مياه البحر، فإذا تم إزالة هذه “المركبات العضوية المعدنية” (metallo-organic) خلال عملية القشط فقد يكون من المفيد اخراج هذه المعادن إذا كانت موجودة بتركيز عالي (على سبيل المثال بعد إضافة جرعة زائدة من النحاس للحوض)، أو قد يكون غير مرغوب فيه (كما هو الحال عندما تكون المعادن قد انخفضت بشدة وتصبح غير كافية لعمليات النمو).
ويشمل مصطلح “المركبات العضوية” كل شيء من السكريات والنشويات والبروتينات والدهون، إلى الجازولين وغير ذلك الكثير. وما يهمنا بالنسبة للأحواض البحرية هي تلك المركبات العضوية الضارة التي تميل إلى التراكم في أحواضنا لتمثل مصدر قلق كبير لصحة الأحياء، كذلك السموم التي يفرزها المرجان والكائنات الأخرى، فهي تعتبر مركبات عضوية. وكذلك الحال بالنسبة لمعظم المركبات التي تؤدي في النهاية إلى اصفرار المياه ما لم يتم اتخاذ خطوات لإزالتها، فكل هذه المركبات يمكننا إزالة معظمها عن طريق عملية القشط وبالتالي يمكننا تحقيق فوائد كبيرة من خلال اخراج تلك المواد العضوية، وتعتبر عملية القشط من أفضل الطرق للقيام بذلك (هناك طرق أخرى جيدة كاستخدام الكربون النشط والأوزون).

المبادئ الأساسية المشتركة في عملية القشط:

قبل الدخول في تفاصيل وظيفة البروتين سكيمر، سيكون من المفيد معرفة بعض التعريفات الكيميائية المهمة:
Hydrophobicity and Hydrophilicity:
غالبًا ما توصف الجزيئات مثل الجزيئات العضوية الموجودة في مياه البحر، بأنها إما كارهة للماء Hydrophobic أو محبة للماء Hydrophilic.
Hydrophobic تعني “الخوف من الماء” (Hydro يعني الماء ، phobic يعني الخوف). وبالمثل hydrophilic تعني “محبة الماء”. ومن أمثلة الجزيئات الكارهة للماء الميثان (الغاز الطبيعي)، الزيت، الدهون، الكوليسترول، ومعظم الجزيئات الموجودة في البنزين (مثل الهكسان)، وسائل الولاعات (البيوتان)، وبعض الفيتامينات (على سبيل المثال، A، D، E، K) هذه الجزيئات لا تختلط أو تذوب في الماء إلى حد كبير.

ومن أمثلة الجزيئات المحبة للماء هي الملح والسكر والكحول الإيثيلي وجلايكول الإيثيلين والجلسرين والجلوكوز والأمونيا ومعظم الأحماض الأمينية (مثل الجلايسين) وبعض الفيتامينات (B6 & B12 & Biotin & C & Niacin) وتقريبًا جميع المركبات غير العضوية، كل هذه الجزيئات قابلة للذوبان في الماء أكثر من الزيت.
وهناك في الواقع سلسلة متصلة من الجزيئات تتراوح بين الكارهة للماء والمحبة للماء في نفس الوقت، لذلك نادرًا ما يكون من الصحيح القول بأن الجزيء يجب أن يكون إما كارهًا للماء تمامًا أو محبًا للماء تمامًا. فبعض الجزيئات التي تقع في منتصف هذه السلسلة المتصلة تشمل الأسبرين والفينول والعديد من العطور وكحول الآيزوبروبيل والأسيتون، كذلك يمكن أن تحتوي بعض الجزيئات العضوية الكبيرة على أجزاء محبة للماء وأجزاء أخرى كارهة للماء، وتندرج الأحماض الدهنية ومعظم البروتينات والصابون والمنظفات ومجموعة متنوعة من الجزيئات البيولوجية في هذه الفئة غالبًا ما يطلق عليها اسم amphipathic أو amphiphilic.

الوظيفة الأساسية لعملية القشط:

تعمل أجهزة الاسكيمر (كاشطات البروتين) على توليد كمية كبيرة من أسطح الهواء / الماء (فقاعات). وتقوم جميع اسكيمرات أحواض الأسماك بذلك على شكل فقاعات هواء معلقة في الماء، على الرغم من أن الخط الفاصل بين فقاعات الهواء في الماء وقطرات الماء في الهواء هو خط غامض في أجزاء من بعض أجهزة الاسكيمر. وهناك تكوينات أخرى لعملية القشط مثل واجهة الهواء / الماء المسطحة أعلى الحوض (كالفقاعات التي تتكون على سطح البحر وتمسي الزبد) وهي مناسبة أيضًا لامتصاص الجزيئات العضوية، وتتجمع هذه الجزيئات العضوية الكارهة للماء على السطح الخارجي للفقاعات لأسباب سنوضحها لاحقًا (الشكل 1).

الشكل 1. رسم تخطيطي لفقاعات الهواء (أبيض) في الماء (أزرق) وبمرور الوقت يتم امتصاص الجزيئات العضوية في الماء (أحمر) على سطح الفقاعات.

وتُعد حثالة الزيت أو الفضلات التي نشاهدها تطفوا على الماء مثالًا جيداً للامتصاص فوق أسطح الفقاعات. واعتمادًا على سمك طبقة الزيت يمكن أن تتكون هذه الطبقات من طبقة أحادية مفردة أو طبقات أكثر سمكًا. لذلك عندما تتعرض فقاعات الهواء التي تم إنشاؤها حديثًا لمياه الحوض، فإن أسطحها تقوم بجمع العديد من الجزيئات العضوية وليس كلها لأن هناك بالطبع جزيئات عضوية قطبية للغاية لن تنجذب إلى الفقاعات ولن يتم إزالتها، كما هو مفصل لاحقًا في هذه المقالة.
وعندما تبدأ الفقاعات في الاسكيمر في التجمع (تحت تأثير الجاذبية التي تدفعها إلى أعلى)، فإنها تبدأ في التفاعل وتشكيل رغوة، تتشكل هذه الرغوة عندما تقترب الفقاعات من بعضها البعض بشكل كبير مما يسمح للماء المحصور بين الفقاعات في الجفاف. وتتحول الرغوة المتبقية لجيوب هوائية محاطة بطبقة من الجزيئات العضوية، ثم طبقة رقيقة من الماء، ثم طبقة أخرى من المواد العضوية، وبعد ذلك يتم جمع الرغوة والتخلص منها في كوب التجميع.

ولكي يعمل الاسكيمر بأفضل شكل ممكن، يجب أن تحدث الأمور التالية:

  1. يجب إنشاء كمية كبيرة من أسطح الهواء / الماء (الفقاقيع).
  2. يجب السماح للجزيئات العضوية بالتجمع على أسطح الفقاعات.
  3. يجب أن تتجمع الفقاعات سوياً لتشكيل رغوة.
  4. يجب تصريف الماء الموجود في الرغوة جزئيًا دون أن تنفجر الفقاعات.
  5. يجب فصل الرغوة التي تم تصريفها عن المياه والتخلص منها.
    ويعد أي تغيير في هذه العوامل مؤثراً على كفاءة عمل الاسكيمر.

الخطوة الأولى: المنطقة البينية لأسطح الفقاعات:

لماذا نحتاج لمساحة كبيرة من السطح؟ يأخذنا هذا السؤال إلى أساس موضوع امتصاص الجزيئات العضوية على سطح فقاعات الهواء. والسبب الأساسي هو أن التفاعل بين جزيئين من الماء أقوى بكثير من التفاعل بين جزيء الماء وجزيء عضوي كاره للماء مثل الزيت.
يشكل الماء روابط هيدروجينية مع جزيئات الماء الأخرى وبعض الجزيئات المحبة للماء، وطبعاً ليس من بينها المواد الزيتية. هذا التفاعل بين جزيئات الماء قوي جدًا وله تأثير كبير على خصائص الماء وبالتالي، إذا تم إدخال جزيء الزيت في الماء (أي يصبح مذاب)، فهو في الأساس “يعترض طريق” جزيئات الماء التي تريد التفاعل مع بعضها البعض ويعيق ضغط الزيت على سطح الماء هذا التداخل.
بعد ذلك يتم طرد جزيئات الزيت، وفيما يتعلق بالجزيئات الأمفيباثية amphipathic (تحتوي على أجزاء محبة للماء وأجزاء أخرى كارهة للماء)، فإن نهاياتها المحبة للماء سوف تتفاعل مع الماء (لأن هذه النهايات يمكن أن تشكل روابط هيدروجينية مع الماء) وبالتالي يتم طرد أجزاءها الكارهة للماء.
ومن الناحية العملية، فإن معظم الجزيئات العضوية الموجودة في مياه البحر هي أمفيباثيك amphipathic، مع كون الجزء الأكبر من الجزيئات المتبقية محبة للماء، لذلك لا يستطيع البروتين سكيمر إزالة أغلب هذه الجزيئات، لذا فإن فهم كيفية تفاعل الجزيئات الأمفيباثية هو المفتاح لفهم كيفية عمل الاسكيمر، وأحد الأسباب التي تشير إلى أن الاسكيمرات غالبًا ما يشار إليها بإسم “البروتين سكيمر” هو أن العديد من البروتينات هي أمفيباثيك، غالبًا ما يكون الجزء الداخلي عبارة عن أحماض أمينية كارهة للماء، والجزء الخارجي عبارة عن عناصر محبة للماء. وعندما يتم إذابتها في الماء، فإن الأجزاء الخارجية فقط هي التي تتصل بجزيئات الماء، وتنجذب الأجزاء الكارهة للماء لسطح الفقاعات.

ما هو مقدار الامتصاص على سطح الفقاعات؟

تتشكل الجزيئات الأمفيباثية على سطح الفقاعات في هيئة طبقة أحادية فقط، بعبارة أخرى يمكن أن تتكون طبقة واحدة فقط من الجزيئات عند سطح الفقاعة، ويكون الجزء المحب للماء ناحية الماء، والجزء الكاره للماء معرض للهواء. وعلى سبيل المثال تتكون الطبقة الأحادية من الصابون من حوالي 5 × 1014 جزيء لكل سنتيمتر مربع (سم 2)، وهو ما يعادل حوالي 0.0025 جرام لكل متر مربع (جم / م 2).
ويكفي أن نعلم أن إزالة 1 جرام من الصابون كطبقة أحادية تتطلب إنتاج أكثر من 400 متر مربع من مساحة السطح، ويمكن لبعض العوامل أن تغير هذا الرقم بشكل كبير، ولكن بشكل عام هذا هو السبب في أنه من الضروري إنشاء مساحة كبيرة جدًا. وعلى سبيل المثال تبلغ مساحة سطح حوض اسماك سعته 450 لتر 0.7 متر مربع فقط، وتزن الطبقة الأحادية من الجزيئات العضوية في هذا السطح حوالي 0.002 جرام.
وبما أن ملعقة صغيرة من غذاء الأسماك قد تضيف ضعف هذه الكمية ألف مرة، فمن السهل أن ترى الحاجة إلى توليد كميات كبيرة من المساحة السطحية لتتمكن من إزالة هذه المواد العضوية.

كيفية إنشاء مساحة سطح الهواء / الماء (الفقاعات):

تعتبر كلمة السر في تطور الاسكيمرات التجارية هو تطوير أساليب محسّنة لتوليد كميات كبيرة من الفقاقيع، ويمكن لأي عملية لتفتيت الماء والهواء إلى فقاعات دقيقة أن تنجح. ومن حيث حجم الفقاعات في الماء، فكلما كانت الفقاعة أصغر كلما زادت مساحة السطح.
وفي الواقع تكون مساحة السطح لأي جسم كروي الشكل بمثابة مربع نصف القطر (S = 4 * p * r2) بينما الحجم مثل المكعب (V = (4/3) * p * r3). وبالتالي، تحتوي فقاعة واحدة قطرها 1 ملم على 0.52 ملم مكعب من الغاز ومساحتها 3.1 ملم مربع.
بدلاً من ذلك، إذا كان لدينا 1000 فقاعة بعُشر هذا الحجم (0.1 مم)، فإن حجم الغاز لا يزال 0.52 مليمتر مكعب، لكن مساحة السطح الآن تصبح 31 مليمترًا مربعًا، أي عشرة أضعاف مساحة السطح السابقة.
ومن الناحية العملية، يؤدي جعل الفقاعات أصغر حجمًا إلى منعها من الارتفاع إلى سطح الماء (كوب التجميع) بشكل سريع. فعند تحريك جسم ما في الماء ستظهر بعض الفقاعات الكبيرة التي ترتفع بسرعة، وبعض الفقاعات الأصغر تكون أبطأ بكثير في الصعود لسطح الماء، وقد تستغرق الفقاعة الصغيرة ساعات لترتفع إلى قمة كوب التجميع. هذ الأمر مشابه تماماً لحركة الغبار في الريح، فالأجسام الكبيرة (الصخور) تسقط من الهواء بسرعة لكن الغبار الناعم قد يظل عالقاً لأيام. وبالتالي فإن تصميم الاسكيمر هو عملية مفاضلة بين حجم الفقاعات ووقت التجميع.

ما الذي يتجمع على الفقاقيع، ولماذا؟

السؤال الذي يطرح نفسه حول البروتين سكيمر هو ما الذي يقوم الاسكيمر بجمعه واخراجه من المياه، وما السبب في ذلك؟
لنبدأ بالسبب، سبب ذلك هو نفس سبب امتصاص الجزيئات على سطح الفقاقيع، فكما ذكرنا سابقًا، يتم ضغط وطرد الجزيئات الكارهة للماء من الماء بسبب الروابط الهيدروجينية المتكونة بين جزيئات الماء. لكن يتبقى لدينا بعض الأسئلة للإجابة عليها وهي كالتالي:

السؤال الأول: لماذا يعمل البروتين سكيمر بشكل أفضل في المياه المالحة أكثر من المياه العذبة؟

هناك سببان أساسيان لكون عملية القشط أكثر فعالية في مياه البحر منها في المياه العذبة، السبب الأول هو انخفاض قابلية ذوبان المواد العضوية داخل المياه المالحة وخاصة المواد الكارهة للماء، وفى المقابل فإن المواد العضوية أكثر قابلية للذوبان في المياه العذبة، لذلك يكون من السهل طردها إلى سطح الفقاقيع، ويتم تجميعها على شكل رغوة، وهذا يرجع لما يعرف في الكيمياء الحيوية بـ “تأثير التمليح salting-out” المعروف للبروتينات. وأقتبس هنا من أحد المصادر في الكيمياء الحيوية: “في حال توفر القوة الأيونية الكبيرة الكافية، قد يتم ترسيب البروتين بشكل كامل تقريبًا من المحلول، وهو ما يسمى بتأثير التمليح.”
السبب الثاني لتقليل كفاءة عملية القشط في المياه العذبة يتعلق بتكوين الفقاعات، ولقد اتضح عملياً أن الهواء في مياه البحر يشكل فقاعات أصغر من الفقاعات التي تتكون في المياه العذبة، وقد تمت مناقشة الأسباب المحتملة لذلك في العديد من الدراسات والأدبيات العلمية، ولكن السبب الدقيق لذلك غير متفق عليه عالميًا.
وعلى الرغم من حقيقة أن البروتين سكيمر ينتج عادة فقاعات بحجم أكبر في المياه العذبة، وأن المواد العضوية غالبًا ما تكون أكثر قابلية للذوبان في المياه العذبة، إلا أنه من الممكن إتمام عملية القشط بنجاح في المياه العذبة في بعض الأحيان وعند ظروف معينة، فنجد أن الأنهار من مناطق معينة في شمال شرق الولايات المتحدة يوجد بها رغوة سطحية تدل على عملية القشط للبروتين، ويأتي هذا البروتين من عصارة الأشجار والمواد العضوية الطبيعية الأخرى التي تدخل المياه ولديها قابلية منخفضة للذوبان في الماء، لذلك يمكن جمعها بسهولة كرغوة في عملية القشط الطبيعية.

السؤال الثاني: هل تقوم عملية القشط بإزالة المواد غير العضوية؟

نعم ولكن بكمية قليلة إن وجدت، فجميع المواد غير العضوية inorganic في مياه البحر تقريبًا عبارة عن أيونات مشحونة ذات قطبية عالية، ويتم صدها / طردها من سطح الفقاقيع لنفس السبب الذي ينجذب إليه المواد الكارهة للماء (المواد العضوية). وذلك لأن هذه المواد غير العضوية تتفاعل مع الماء بقوة أكبر من تفاعل الماء مع نفسه وبالتالي فإن وجودها على سطح الفقاقيع من شأنه أن يسبب وضع غير مستقر مما يجعل هذه المواد تعود بسرعة إلى مياه البحر مرة أخرى وتترك الفقاعات، وبالرغم من ذلك فإن هناك العديد من المواد غير العضوية تكون مرتبطة بمواد عضوية أخرى والتي يتم سحبها خلال عملية القشط، النحاس على سبيل المثال مركب مرتبط بأكثر من 99٪ مع مواد عضوية مثل الأحماض الدبالية والبروتينات (الشكل 2).

رسم تخطيطي لأيون النحاس Cu++ كما هو موضح باللون الأحمر، يتم سحبه بشكل طبيعي من خلال حمض الهيوميك (كما هو موضح باللون الأخضر).

فإذا تم امتصاص هذه المواد العضوية على سطح الفقاقيع، فإننا بذلك نسحب معها النحاس أيضاً، وهناك دراسات قامت بتحليل محتوى الفضلات التي تم سحبها من المياه (الفضلات الموجودة في كوب البروتين سكيمر) ووجدت فيها مستويات مرتفعة من النحاس وكذلك الحديد ومعادن نزره أخرى، وذلك مقارنة بالأيونات التي لا يتم قشطها بشكل انتقائي مثل المغنيسيوم أو الصوديوم.
كما سيتم أيضًا إزالة المواد غير العضوية التي تم امتصاصها داخل الكائنات الدقيقة مثل الدياتوم، والبكتيريا، والطحالب، وما إلى ذلك، فهذه الكائنات كارهة للماء جزئيًا ويتم إزالتها خلال عملية القشط وهذا امر واضح يراه الهواة كثيرا بعد إضافة غذاء معين مثل الفيتوبلانكتون فنرى بعد فترة بسيطة أن لون الفضلات في كوب الاسكيمر أصبح لونه أخضر، او يكون لونه بنى أو احمر داكن اذا كان هناك الكثير من الدياتوم في مياه الحوض.
ومن جانب آخر يعتقد العديد من هواة المارين أن اليود/اليوديد iodide يتم التخلص منه أثناء عملية القشط، ولا أعتقد أن هذا صحيح أو يتم بشكل مؤثر، فمن غير المحتمل أن يتم إزالة اليود بأي شكل غير عضوي موجود في مياه البحر (يوديد أو يودات) بشكل ملحوظ عن طريق عملية القشط.
فهذا العنصر لا ينجذب إلى سطح الفقاعات ولا يرتبط بشدة بالمواد العضوية الأخرى، ومع ذلك ستقوم عملية القشط بإزالة من العديد من المركبات العضوية التي تحتوي على اليود بداخلها (بالإضافة إلى احتمال تبخيرها في الهواء).
ويعد تحويل الصور المختلفة لليود إلى مركبات “يودوورجانيك iodoorganic” إحدى الطرق التي يتم بها إزالة اليود من عمود الماء في الأحواض البحرية (عن طريق امتصاص الكائنات الحية لها مثل الطحالب)، وقد تؤدي عملية القشط إلى التخلص من هذه المركبات قبل أن تتمكن البكتيريا من تكسيرها وتحرير اليود مرة أخرى.
وهناك إحدى الدراسات المنشورة تظهر ارتفاعًا كبيرًا داخل الفضلات المجمعة بكوب الاسكيمر (عدة مئات من المرات) في إجمالي اليود بالنسبة للأيونات عند مقارنتها بنسبة نفس الأيونات في مياه البحر أو مياه الحواض.
وبالنسبة للنيتريت والنيترات والفوسفات فلا يتم إخراجها مباشرة من المياه لأنها لا تمتص على أسطح الفقاعات، ومع ذلك يتم إزالة النيتروجين والفوسفور بسهولة كأجزاء من الجزيئات العضوية التي يتم قشطها.
وتظهر تحليلات سائل الكشط (الفضلات)، ارتفاعًا كبيرًا في إجمالي الفوسفور (بترتيب ألف ضعف) وإجمالي النيتروجين (بترتيب مائة ضعف) عند مقارنتها بنسبة الأيونات نفسها في مياه البحر أو مياه الأحواض، ومن ثم فإن عملية القشط قد تقلل بشكل فعال من تركيزات النترات والفوسفات التي قد تتراكم في مياه الأحواض، وذلك عن طريق اخراج المواد العضوية التي تحتوي على جزء من النترات والفوسفات الموجودة في مياه الحوض.
كما يمكن أيضًا دمج الفوسفات في بعض الجسيمات غير العضوية، مثل كربونات الكالسيوم (CaCO3)، والتي يمكن قشطها إذا كانت مغطاة بمواد عضوية، وبالتالي يتم أيضًا إزالة الكالسيوم وربما المغنيسيوم المرتبط بهذه الجسيمات.
وهناك العديد من الأيونات التي يهتم بها هواة المارين لا تتأثر بشكل ملحوظ بعملية القشط لأنها لا تمتص على سطح الفقاعات، ولا ترتبط بشكل أساسي بمواد عضوية أخرى، وهي تشمل الكالسيوم والمغنيسيوم والسترونشيوم والبيكربونات والكربونات (القلوية) والسيليكات. بالإضافة إلى ذلك لن تتأثر أيونات مياه البحر الرئيسية الأخرى بما في ذلك الكلوريد والصوديوم والكبريتات والفلوريد والبورات والبوتاسيوم والبروميد (باستثناء مركبات البرومين العضوية).

السؤال الثالث: هل هناك مواد أخرى يتم إزالتها؟

تقريباً يمكن إزالة أي جزيء كاره للماء أو amphipathic وتتضمن هذه القائمة الأحماض الأمينية والفيتامينات والبروتينات والكربوهيدرات والدهون والعديد من الجزيئات الحيوية المركبة (مثل البروتينات الدهنية والسكريات الدهنية) وغير ذلك، وتشمل هذه القائمة معظم المواد العضوية ولكن ليس كلها. ولحسن الحظ تشمل هذه القائمة على العديد من المركبات العضوية التي تؤدي إلى اصفرار المياه في الأحواض، لذلك تساعد عملية القشط في تقليل اصفرار مياه الحوض.
وأتوقع أيضًا أن العديد من السموم والمواد اللزجة التي تنتجها الكائنات الحية في الأحواض يتم إزالتها بدرجات متفاوتة خلال عملية القشط، بناءً على حقيقة أن العديد منها كارهة للماء ويُتوقع إزالتها بسهولة، والبعض الآخر يخرج بشكل أبطأ تبعاً لدرجة محبته أو كراهيته للماء.
ويوضح الشكل 3 حمض الدومويك، وهو مادة سامة تنتجها الدياتوم، وهي تحتوي على أجزاء محبة للماء (خضراء) وأجزاء كارهة للماء (حمراء) لذلك يمكن إزالتها بسهولة خلال عملية القشط.

حمض دومويك ، مادة سامة تنتجها الدياتومات. الأجزاء الكارهة للماء موضحة باللون الأحمر والأجزاء المحبة للماء باللون الأخضر

يمكن أيضًا إزالة المواد العضوية الجسيمية، لأنها غالبًا ما تكون كارهة للماء، كما أن إزالة الكائنات الحية الدقيقة عن طريق القشط قد يكون له آثار إيجابية من حيث تقليل نسبة المغذيات الزائدة في الحوض، وأيضًا من المحتمل تقليل المستويات العالية غير مرغوب فيها من البكتيريا ومسببات الأمراض والطحالب الذائبة. ومن ناحية أخرى تزيل عملية القشط بشكل شبه مؤكد العديد من الكائنات الحية الدقيقة من عمود الماء التي قد تعتبر غذاءً للأحياء بالحوض مثل البروتينات، ويعتمد ذلك على قوة وكفاءة الاسكيمر.

السؤال الرابع: ما هي المواد العضوية التي لا يتم إزالتها؟

معظم المواد العضوية عالية القطبية لا يتم ازالتها خلال عملية القشط، مثل السكريات البسيطة، الأسيتات، الأوكسالات، الكحول الميثيلي، الكولين، السيترات، وما إلى ذلك ستبقى في المياه، لأنها ببساطة لا تنجذب بشكل كافٍ إلى سطح الفقاعات. حيث يتم صد معظم الأنواع المشحونة من سطح الفقاعات ولذلك لا يتم جمعها. ولحسن الحظ أن العديد من هذه المواد العضوية عالية القطبية يتم استقلابها بسهولة بواسطة البكتيريا والكائنات الحية الأخرى لذا فهي لا تتراكم باستمرار في مياه الحوض.

الوقت المطلوب لامتصاص المواد العضوية داخل البروتين سكيمر:

بمجرد أن ينتج الاسكيمر مساحة سطح كبيرة من الفقاعات، تبدأ العملية التالية وهي السماح للمواد العضوية بالانتشار فعليًا على سطح الفقاعات، فكم تستغرق هذه العملية من الوقت؟ هذا سؤال مهم ولكن بدون إجابة كاملة. فيمكن أن يكون انتشار الجزيئات في الماء بطيئًا بالنسبة للجزيئات الكبيرة مثل البروتينات والكربوهيدرات، ويمكن أن تكون بطيئة جدًا.
وقد يستغرق انتشار البروتين في بضع سنتيمترات من الماء ساعات، ولحسن الحظ لا نحتاج إلى الاعتماد فقط على الانتشار العشوائي لنقل المواد العضوية إلى السطح.
تحتوي جميع الاسكيمرات تقريبًا على الفقاعات داخل بيئة مضطربة، حيث يمكن حملها عن طريق تدفق المياه وكذلك عن طريق الانتشار، ومع اقتراب المواد العضوية من سطح الفقاعة ستقل حركة الماء بالنسبة للفقاعة بشكل كبير، وسيكون الانتشار ضروريًا للانتقال النهائي إلى سطح الفقاعات.
ويعتمد أيضا ًمقدار الوقت اللازم للتراكم الكامل للمواد العضوية على سطح الفقاعة على تركيزات المواد العضوية في الماء وعلى الطبيعة الكيميائية للمواد العضوية.
ومن المنطقي أن المياه التي تحتوي على مستويات عالية من المواد العضوية، فإن المنطقة البينية للفقاعات ستشغلها المواد العضوية بسرعة، مما يؤدي لتشبع سطح الفقاعة بشكل أسرع. وعندما تكون التركيزات أقل فيجب أن تنتشر المواد العضوية بشكل أكبر حتى يمكن تشبيع سطح الفقاعة. بالإضافة إلى ذلك تتمتع المواد العضوية المختلفة بقوة ربط مختلفة مع سطح الفقاعات. فالمركبات التي ترتبط بقوة أكبر ستحل ببطء محل تلك الموجودة بالفعل على الفقاعة، وبالتالي فإن الفقاعة المشغولة تمامًا بالمواد العضوية قد تتغير بمرور الوقت عند التعرض لوقت إضافي لمياه الحوض. ومع ذلك لن تستمر في زيادة حملها العضوي إلى أجل غير مسمى. لهذه الأسباب المختلفة لا يوجد قدر معين من الوقت للمواد العضوية كي تشبع الفقاعات بالكامل. علاوة على ذلك من غير الصحيح الادعاء بأنه من الأفضل زيادة وقت الاتصال بين الفقاعات ومياه الحوض. وبالمثل فإن الطريقة التي تتحرك بها الفقاعات داخل الماء مهمة فإذا كانت الفقاعات تتحرك عكس تدفق الماء أو كانت في بيئة مضطربة، فإن وقت الامتصاص المطلوب سيكون أقل (لأن التدفق يساعد على جلب المواد العضوية إلى سطح الفقاعات) مما لو كانت الفقاعات تتحرك في نفس اتجاه تدفق المياه.

تشكيل وتصريف الرغوة:

بمجرد احتواء الاسكيمر على عدد كبير من الفقاعات المغلفة بالمواد العضوية، من الضروري بطريقة ما إزالة تلك الفقاعات، ويتم تحقيق ذلك بسهولة عن طريق السماح للفقاعات بتكوين رغوة، ويحدث تكوين الرغوة عندما تتراكم الفقاعات وتتفاعل فتبدأ رغوة الفقاعات في تصريف المياه من بينها تحت تأثير الجاذبية، مما يؤدي إلى إزالة الكثير من الماء الموجود بين الفقاعات وتندمج بعض الفقاعات مكونة فقاعات أكبر. وطالما أن الفقاعات لا تنفجر قبل حدوث تصريف المياه، فسيتم ترك المواد العضوية محجوزة في الرغوة، وفي النهاية يصبح تركيز المواد العضوية في الرغوة كبيرًا بدرجة كافية بحيث تتجاوز حد الذوبان، وتتشكل جزيئات صغيرة من المواد العضوية هذه الجسيمات هي عمومًا ما يجمعه الاسكيمر في كوب التجميع.

مشاهدة الجزء الثانى

مع تحيات موقع هوايتى
sample-ad

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة