الخيل البحري الأصيل – الجزء الأول

مقالات عامة
687
0
sample-ad

محمد حسان – 21 سبتمبر 2021

عندما تنظر لأول مرة إلى حصان البحر، فمن الطبيعي أن تتساءل كيف أصبح هذا المخلوق بهذا الشكل الجميل، فسلوك حصان البحر ومظهره يختلف اختلافا جذريا عن معظم الأسماك الأخرى، فلا يمكن للمرء إلا أن يتأمل ويتعجب من كيفية خلقها وحصولها علي هذا المظهر الرائع، مع شكل الرأس غير العادي والذي يشبه رأس الحصان، وعيون الحرباء، وذيل القرد، وحقيبة الكنغر، فسبحان الله علي هذا الخلق الجميل.

لفهم ذلك نحن بحاجة لأن ننظر ونبحث في بعض أقارب حصان البحر، وبعد التقصي في ذلك نجد موضوع مهم وهو عدم وجود حفريات قديمة تتعلق بحصان البحر، هناك عدد قليل من الحفريات التي يظهر فيها حصان البحر ولكنها تعود لوقت مبكر، وكمعظم المخلوقات التي تعيش في البحر فإن عدد حفرياتها محدود للغاية، ولحسن الحظ هناك العديد من أقارب حصان البحر يمكنها أن تعطينا لمحة عن تاريخ هذا المخلوق الجميل، وعلى الرغم من أن هذه الأقارب لا تمثل بالضبط أجداد حصان البحر الأصليين، إلا أنها يمكن أن تعطي صورة واضحة لجينات حصان البحر علي مر الزمن حتي أصبح على شكله الحالي.


أولاً نبدأ مع أقارب حصان البحر الطبيعيين ولكن من جهة بعيدة، وهي أسماك العقرب التي تتميز بوجود مجموعة كبيرة من الزعانف بعضها مزخرف بشكل متقن، مثل الليون فيش.

البعض الأخر مموهة للتخفي في بيئتها:

البعض الأخر يبدو وكأنه مجرد سمكة عادية:

الشيء الثاني المثير للاهتمام هو سمكة أبو شوكة، وهي تبدو كأنها سمكة عادية جدا، ولكنها تمثل بداية لشيء جديد، فسمكة أبو شوكة تغير هيكلها العظمي ليصبح مدرع لحمايتها، ولكنها ما زالت تشبه جدا باقي الأسماك العادية.
الصورة التالية لسمكة أبو شوكة الثلاثية Gasterosteus aculeatus:

ثم نأتي بعد ذلك إلى سمكة أبو شوكة ذات الخمسة عشر محور Spinachia، وهي ذات فم وجسم ممتد؛ وهي بذلك الشكل بدأت تخرج عن المظهر المألوف للأسماك العادية، وفي أسماك أبو شوكة تتم رعاية الصغار بواسطة الذكور وهذا أمر غير مألوف أيضا في الأسماك.

نأتي الآن إلى منتصف الرحلة مع أسماك trumpetfish، Aulostomus، وهي مازالت تشبه أغلب الأسماك وتسبح مثلها، ولكن نرى شكل فم حصان البحر واضح جدا عليها، وهي تبيض في المياه المفتوحة ولا تقدم الرعاية الأبوية للبيض.
ونحن لا نعرف بشكل مؤكد ما إذا كان أصل هذه السمكة يشترك مع أجداد حصان البحر أم لا، أو لماذا تبيض في عرض البحر؟ ولكن الصفات الأخرى مثل الجسم الممدود وشكل الفم تتشابه مع حصان البحر ولكن ليس بشكل متطابق.

أحد الأسلاف الأخرى المماثلة هي أسماك البوق من فصيلة Fistularia، وهي تأتى في المرتبة التالية ومعروفة أيضا باسم Flutemouths، هذه الأسماك تسبح بشكل ممدود في منتصف المياه، وهي ذات زعانف صغيرة وفم طويل جدا، وهناك بعض الأنواع قد تصل إلى 180سم، وعلى الارجح أنها أكثر سمكة سوف نبحث من خلالها عن أصول حصان البحر.

يأتي بعد ذلك السمك الأنبوبي الشبح Ghost pipefish، وهي تنمو حتى 15سم وربما تتفرع من جد مشترك يشارك العديد من سمات حصان البحر مع وجود بعض الاختلافات، وقد بدأت هذه الأسماك في الانتقال إلى رعاية بيضها على جسمها، مثل معظم أقارب حصان البحر الوثيقين الصلة به، ولكن الأنثى هي التي تحمل البيض وتمسك به في زعانفها الحوضية.

السمك الأنبوبي Flagtail pipefish هو العضو التالي من هذه العائلة، ونجد في هذا النوع أيضا أن مهمة رعاية البيض تقع على عاتق الذكور، مع فرض أنها لا تتنازل عن هذه المهمة، ولكن ليس من الواضح لماذا بعض أقاربها مثل trumpetfish والسمك الأنبوبي الشبح وضعت استراتيجيات مختلفة للتناسل والإنجاب، ولكن في حالتنا الحالية مع هذه السمكة من الواضح جدا أن هناك رعاية أبوية مشتركة، فتجد الذكر يحمل البيض الذي تضعه الأنثى في رقصة معقدة على طول بطنه.
فصيلة Dunckerocampus تحمل البيض على بطونها بصورة مكشوفة تماما، في حين أن فصيلة Doryrhamphus، لديها غشاء من الجلد يساعدها في حماية البيض، أيضا السمك الأنبوبي Flagtail pipefish يسبح في منتصف المياه مثل الكثير من الأسماك المذكورة في الأعلى.

ومن هذه النقطة ننتقل إلى السمك الأنبوبي الذي يحمل البيض في قاعدة الذيل، أو في أكياس جزئية، أو في أكياس جلدية تغلف البيض بالكامل تقريبا، وحتى الآن معظم هذه الأسماك لا تزال تمتلك زعنفة الذيل ولكن بشكل أصغر، وهي تسبح بالقرب من سطح الماء وتستخدم أجسادها وذيولها للمساعدة في تثبيت نفسها على الصخور والطحالب البحرية.

وهناك ما لا يقل عن 200 نوعا من السمك الأنبوبي، مع مجموعة مذهلة من أشكال الأجسام والسلوكيات، يعيش بعضها في طبقات الطحالب البحرية والبعض الآخر على الشعاب المرجانية، وبعضها يصل طوله إلى 5سم فقط والبعض الأخر يصل إلى 60سم، والصورة التالية تبين مجموعة من مختلف الأنواع وجدت قبالة سواحل أمريكا الشمالية:

والآن سنبدأ في رؤية تحول مدهش وهو Pygmy pipehorses أو الحصان الأنبوبي القزم، هذه الأسماك الصغيرة طولها حوالي 6سم أو أصغر، وهي تتعلق في الطحالب البحرية مثل حصان البحر تماما مع عدم وجود لزعنفة الذيل، وجسمها يأخذ شكل زاوية جسم حصان البحر، ولكن الرأس لا تزال موازية ومتساوية مع جسمها الطويل، ومن المثير للاهتمام أيضا أن الذكور تفضل إبقاء جسمها بشكل عمودي، ولكن الإناث تقف بشكل أكثر استقامة بشكل يشبه حصان البحر.

ويضم حصان البحر الأنبوبي القزم أصناف كثيرة مثل السمك الأنبوبي وحصان البحر، وهي لا تمتلك زعنفة الذيل وتستخدم ذيولها لتمسك بالطحالب وانتظار الغذاء الذي يسبح نحوها، وكثيرا ما نخطئ في تشخيصها على أنها سمك أنبوبي بسبب ضآلة حجمها.

حصان البحر مشابه للحصان الأنبوبي القزم والذي قد نخطئ في تشخيصه مثل النوع التالي Sydney Pygmy Pipehorse Idiotropiscis lumnitzeri فهي تشبه بشكل كبير حصان البحر الحقيقي، ولها نفس هيكل رأس حصان البحر.

الرأس متميز عن باقي الجسم، والذكور لديها كيس لحضن البيض في قاعدة الذيل، والرأس يمكنه أن ينحني لأسفل ولكن عادة ما تكون مساوية للجسم، وهي لا تطارد فريستها ولكن تنتظر أن تنجرف إلى المكان الذي تثبت نفسها فيه.

وأخيرا نصل إلى حصان البحر وهو يعد أغرب سمكة في الأسماك السابقة، والذي حقق قفزة نوعية ليقف بشكل منتصب مع رأس مصممة للسماح له باقتناص فرائسه، وعلى غرار أسلافه فهو ما زال يعتمد على التمويه لاصطياد فرائسه؛ ولكن هذه المرة من خلال التمويه اللوني.

ومما سابق نقدم لكم خريطة تقريبية لأسلاف حصان البحر استنادا إلى أقاربه المتواجدين حاليا، وليس الأجداد القدامي لحصان البحر:

وفي نهاية هذا الجزء، أرجوا من الله عز وجل أن تكونوا قد استمتعتم بهذه النظرة في تاريخ وحياة حصان البحر.

مع تحيات موقع هوايتي

يتبع، الجزء الثاني
sample-ad

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة