محمد حسان – 19 سبتمبر 2021
استخدام الاضافات في الأحواض البحرية كان دائما موضوع خلافي انقسم فيه الهواة إلى فريقين بين مؤيد ومعارض، فأحواض الأسماك تعتبر انعكاس للبيئة الطبيعية مع اختلافات دراماتيكية طبعا بينها وبين الطبيعة الحقيقية، فالطبيعة يمكن ان نعتبرها نظام مغلق؛ يتم فيها إعادة تدوير المغذيات سواء على الأرض lithosphere، الماء hydrosphere، الهواء atmosphere، والكائنات الحية biosphere.
وفى الأحواض البحرية يتم وضع المغذيات فيها فى شكل أطعمة ويتم ازالتها (تغيير مياه، سكيمر، وسائل كيميائية) يدويا بواسطة صاحب الحوض.
والاحواض فى الغالب تحتوي على مغذيات كثيرة بسبب فضلات الأسماك والطعام الزائد جراء عمليات اضافة الأطعمة، ولكن هل هناك إضافات أخرى مهمة للحوض؟ وهل نحن فعلا بحاجة الى مصدر غذائى اضافى لزيادة صحة ونمو الأحياء؟
في الموضوع التالي نحاول سوياً الإجابة عن هذا السؤال، ونعرض بعض الحقائق حول أحد أشهر الاضافات وهي الأحماض الأمينية.
دعونا أولا نتناقش بهدوء عن الطرق التى يأخذ بها المرجان غذائه في البيئة لاطبيعية، وهي تصنف إلى ثلاث طرق رئيسة:
1- يستقبل المرجان السكريات عن طريق الزوزانتلي zooxanthellae الموجودة داخل اجسامها عن طريق عملية التمثيل الضوئي، وهذه العملية توفر أغلب متطلبات المرجان الغذائية يوميا.
2- يلتقط المرجان البلانكتون (العوالق)؛ سواء فيتوبلانكتون او زوبلانكتون، وبالنسبة لأنواع البلانكتون فهى تتوقف على نوع المرجان فكل نوع قد يتغذى على نوع معين، والعلماء على قناعة أن الفيتوبلانكتون يعتبر هو مصدر الغذاء الأساسى لمعظم السوفت كورالز.
3- يمتص المرجان المغذيات العضوية من المياه مثل النترات والفوسفات والأمونيا واليوريا وطبعا الأحماض الأمينية.
ويوجد العديد من الهواة ممن يستخدمون الأحماض الأمينية في وقتنا الحالى كإضافة للغذاء، وقد لاقت قبول وشعبية لدي الهواة ومصنعي الأغذية، ولكن لايزال الجدل دائرا بين الهواة منهم من هو على قناعة بأهمية تلك الإضافات ومنهم لا يعتبر ذلك أمراً مهما.
والآن دعونا ننتقل إلى نقطة التحول والتى ستفض الإشكال في هذا الموضوع، وهي عملية امتصاص النيتروجين Uptake of nitrogen
النيتروجين N عنصر مهم جدا، ويظهر على الرسم البياني التالي امتصاص النيتروجين في مرجان Stylophora pistillata في بيئتها الطبيعية:
يتم توفير معظم النيتروجين بواسطة الأمونيا والنترات، والمسؤول عن هذه العملية أساسا هي الزوزانتلي zooxanthellae (مجلة البيولوجيا التجريبية 2008)
ونلاحظ أن الأمونيا والنيترات هي المصدر الرئيسي للنيتروجين لهذا المرجان، وكلاهما متوفر في أحواضنا، وقد قام العلماء باستخراج الزوزانتلي من هذا المرجان واكتشفوا أنه في الغالب هو المسؤول عن عملية الامتصاص، كما نلاحظ أن الأحماض الأمينية مهمة أيضا فهى تمثل 21٪ من حصة النيتروجين.
ووجد العلماء أيضا أن الشعاب المرجانية والزوزانتلي المستخرجة منها قادرة على امتصاص الكثير من الأحماض الأمينية أكثر مما تمتصه عادة في الطبيعة، والآن دعونا ننظر لأنواع الأحماض التي يمكن استخراجها من المياه.
يبين الشكل التالي 11 نوع من الأحماض الأمينية الحرة المنحلة التى امتصها هذا المرجان:
وكما هو واضح من الشكل امتصاص 11 نوع من الأحماض الأمينية (DFAA) داخل مرجان Stylophora pistillata ، فهذه الأنواع قادرة على امتصاص كل هذه الأحماض الأمينية بشكل نشط.
والسؤال المطروح الآن هو: هل هذا الامتصاص سلبي أم ايجابى؟ أو بعبارة أخري هل المرجان يستفيد بتلك الأحماض الأمينية داخل أنسجته بشكل فعال؟ والجواب يكمن في الشكل التالي:
الشكل 3 يوضح نسبة امتصاص النيتروجين (N, nanomoles of nitrogen/hour/cm2 of tissue) بواسطة أنسجة المرجان S. pistillata وعلاقته بتركيز الأحماض الأمينية (DFAA in µmole/l) السهم الأحمر يدل على تركيز الأحماض الأمينية DFAA في مياه البحر العادية.
الخط المستقيم (وعليه نقاط على شكل معين) يبين بشكل نظرى ما الذى يمكن للمرجان امتصاصه، ففي البيئة الطبيعية المرجان قادر على تناول الكثير من الأحماض الأمينية (خط التشبع، النقاط على شكل دوائر).
السهم الأخضر هو مثال على ما يمكن أن يحدث إذا وضعنا جرعة زائدة من الأحماض الأمينية في الحوض، وبصورة أوضح فإن الشعاب المرجانية قادرة على تناول ما لا يقل عن 7 أضعاف الجرعة العادية من الأحماض الأمينية.
ويبين الشكل 3 أيضا العلاقة بين تركيز الأحماض الأمينية (15N DFAA’s وهى الأحماض الأمينية الحرة المنحلة فى النيتروجين) بالـ µmole/Liter وبين امتصاص النيتروجين 15N .
نسبة 15N/14N الموجودة في الأنسجة المرجانية يمكن قياسها فقط في المختبرات باستخدام منظار الكتلة النسبة.
كما أن نسب التشبع المرتفعة لـ 15N من الأنسجة المرجانية اتخذت معها أحماض أمينية أكثر كذلك، وذلك يدل على أن هذه الأنواع من المرجان قادرة على امتصاص الأحماض الأمينية من عمود الماء بفاعلية حتى ولو كانت بتركيزات منخفضة، وهذا يعني أن الشعب المرجانية تكيفت فعلا مع أماكن المياه التى يوجد بها مغذيات قليلة في المحيط، كتركيز الأحماض الأمينية الذي يتراوح بين 200 إلى 500 نانومول / لتر، وهذا لايمثل سوى 0.03 إلى 0.07 مللج / لتر أو جزء في المليون، مما يشير إلى أن الشعاب المرجانية تحتاج تركيزات صغيرة من الأحماض الأمينية فقط للنمو الطبيعي.
وفي الواقع يبدو أن الشعاب المرجانية الصلبة مثلS. pistillata قد تحتاج فقط إلى الضوء والمغذيات الذائبة (وبجانب النيتروجين فهي تحتاج إلى الفوسفات بنسب ضئيلة و عناصر أخرى أيضا) من عمود الماء لكى تزدهر، على عكس الشعاب التي تحتاج للعوالق (بلانكتون) لتبقى على قيد الحياة، مثل zooxanthellate gorgonians and Dendronephthya.
والآن السؤال المهم هو: هل جرعات الأحماض الأمينية الإضافية في الحوض تساعد الشعاب المرجانية على النمو؟
الجواب هو نعم.
ويبين الشكل 3 أنه يمكننا التعامل أو التلاعب فى كمية الأحماض الأمينية التي تمتصها الشعاب المرجانية عن طريق زيادة تركيزها، فمن المعروف أن الأحماض الأمينية مهمة لبناء المصفوفة العضوية؛ وتلعب دور مهم في عملية تكلس المرجان (بناء الهيكل الكلسي). وبجانب هذا تستخدم الأحماض الأمينية أيضا لبناء البروتينات، والتي لها وظائف مهمة داخل الخلايا الحية.
الأحواض قليلة التغذية:
العديد من الهواة في الوقت الحاضر مهتمين بتربية المرجان الصلب SPS مثل Acroporids &Montiporids ، وهذه الأحواض تحتوي عادة على أجهزة فلترة قوية، وذلك لضمان بقاء الماء نظيفا وخاليا من المغذيات حتى لا تزداد نسب الملوثات في الحوض.
ويجب أن نعلم أن انخفاض مستوي المغذيات ربما يؤدي إلى انخفاض في أعداد الزوزانتلي (أو تقليل الصورة الإستيعابية للأصباغ، مثل الكلوروفيل).
وفى هذه الأحواض التى لا تحصل على ما يكفي من المدخلات الغذائية (عدد الأسماك قليل مثلا)، فيمكن أن تصبح فقيرة جدا في المغذيات.
والأحواض القليلة فى النيتروجين (لاحظ أن الأمونيا والنترات واليوريا لا يتم كشطها بالاسكيمر، ولكنها يمكن أن تبقى بنسب منخفضة عن طريق قشط الطعام والفضلات)، من المحتمل أن تتعرض الشعاب المرجانية بها إلى مشكلة التبييض أو فقدان اللون، وذلك لأن الزوزانتلي بداخلها تختفي، فهى تحتاج أيضا للمغذيات بجانب السكريات التي تنتجها بواسطة الكربوهيدرات.
وبنفس الطريقة، فإن الإفراط في استخدام أدوات فلترة مثل ميديا الفوسفات (الفوسفات رياكتور) وذلك بجعل نسبة الفوسفات صفر دائما يمكن أن يهدد صحة الشعاب المرجانية أيضا.
والأحواض التى تستخدم سكيمر قوى جدا وتتلقى مغذيات متوسطة، يمكنها أن تستفيد من الجرعات الإضافية من الأحماض الأمينية وذلك لمنع مشكلة ابيضاض المرجان، وتحسين ألوان المرجان (فالمرجان ينتج أصباغ جميلة بجميع الألوان، من خلال تنظيم كمية الضوء التي يتلقونها، وتوفير احتياجاتهم من الأحماض الأمينية أو البروتينات).
ووجد العلماء أيضا أن امتصاص الأحماض الأمينية يتم تحفيزه بواسطة الضوء، باستخدام مصابيح الميتال هاليد على ارتفاعات مختلفة.
وبالنسبة للهواة فهذا يعني أنهم لا يحتاجون لوضع لمبات ميتال 400 وات أو كشافات ليد قوية على الأحواض متوسطة الارتفاع لضمان امتصاص الأحماض الأمينية، ومن المثير للاهتمام أن عملية امتصاص الأحماض الأمينية هو حدث نهاري أى يتم نهارا فى وجود الضوء.
ملاحظات ختامية:
الآن وقد علمنا أن تربية الأحياء المائية المرجانية فى الأحواض أو غيرها تستفيد من جرعات الأحماض الأمينية، فإن السؤال التالي هو: ما الكمية التي أحتاج لإضافتها؟ هذا السؤال صعب الإجابة لأنه يعتمد على حجم الحوض، وعلى طبيعة وكمية الأحياء وأنواع الشعاب المرجانية في الحوض.
ففي الحيد المرجاني يتراوح مجموع الأحماض الأمينية بين 30: 70 جزء في البليون، وهي في الحقيقة نسبة منخفضة جدا.
وأسهل طريقة لتحديد الجرعة المحددة لأي حوض هي بتحديد الاستهلاك اليومي أو الأسبوعي، أو عن طريق قياس تركيز مجموعه الأحماض الأمينية في أي وقت من الأوقات، وبالطبع لا تتوفر المعدات المطلوبة للقيام بذلك للهاوى العادى حتى الآن.
إذن ما عليك إلا أن تعرف تركيز المنتج الذي تستخدمه، وتبدء بالجرعة المكتوبة على العبوة، وهذه طريقة جيدة للبدء.
وفي نهاية المطاف فكثير من الهواة سوف تتطور مهاراتهم وخبراتهم في التعامل مع الحوض، ويعرف الكمية التى يحتاجها حوضه عن طريق ملاحظة استجابة الأحياء ونمو وألوان المرجان.
مع تحيات موقع هوايتى